تسقط الأقنعة حين يواجه الإنسان الحقيقة، ويتلاشى الجليد الذي كان يغطي الملامح، فتظهر الوجوه على حقيقتها: بشعة، قلوبها سوداء، وأنفاسها نتنة. هكذا هم المنافقون؛ يتزينون بالكلمات المعسولة، ويخفون خلف ابتساماتهم سمًّا زعافًا، يبيعون المبادئ ويشترون المصالح، يرفعون شعارات الفضيلة بينما قلوبهم غارقة في الخيانة.
المنافق لا يعيش لنفسه فقط، بل يفسد من حوله، يزرع الشك بين الناس، ويهدم الثقة التي هي أساس العلاقات الإنسانية. هو الوجه الآخر للكذب، والظل المظلم للرياء، يختبئ خلف ستار من الادعاء حتى يظن البعض أنه صادق، لكن سرعان ما ينكشف زيفه مع أول اختبار.
التاريخ لم يرحم المنافقين، فقد سقطوا في كل عصر، وفضحتهم المواقف، لأن الحق يعلو ولا يُعلى عليه. والمجتمعات لا تنهض إلا حين تطرد النفاق من صفوفها، وتكرم الصادقين الذين يواجهون الحياة بقلوب بيضاء ووجوه ناصعة.
إن مواجهة النفاق ليست مجرد فضح للوجوه السوداء، بل هي دعوة للتمسك بالقيم، للصدق، للوفاء، وللإخلاص. فالمنافقون مهما حاولوا التجمّل، سيبقون كالأقنعة البالية التي لا تصمد أمام نور الحقيقة.





