سأل رجلا "جحا " يوما :" أين وسط الدنيا ياعالمنا الفذ ؟ .." فأجاب " جحا " : " وسط الدنيا تحت قدميك تماما . و ان لم تصدقني فقم بقياس الارض شرقا , غربا , شمالا و جنوبا " . الا ان " الرجل " لم يرتدع بهذا الجواب و سأل " جحا " متحديا : " كم عدد نجوم السماء يا أذكي الاذكياء ؟ ". فقال له " جحا ": " عددها مثل عدد شعر حماري هذا ...و ان لم تصدقني فعدها ثم عد شعر حماري هذا " ..
استمر " الرجل " في السخرية من " جحا " فسأله : " كم عدد شعر ذقني يا أذكي الاذكياء ". فأجاب " جحا : " عدد شعر ذقنك يساوي عدد شعر ذيل حماري , و ان لم تصدقني فانزع شعر ذيل حماري و شعر ذقنك و قارنهما يا أعلم العلماء ".
هل ضحكتم من هذا الحوار ؟ !!.... هل سخرتم من الرجل و من جحا؟ !!!..
للاسف , هذا هو حال حوارنا الان ... اجابات استفزازية لكل اسئلتنا ...اجابات بلا معني ، مضحكة , و أصبح وزاءنا جميعا مثل " جحا " يجيبون علينا بنفس الطريقة !! .
أصبح الحوار بلا معني , فلا السائل أو المحاور يعلم ما هو هدفه من السؤال , و لا يعرف كيف يطرحه !!! ولا الطرف الاخر يعرف ما هي الاجابة , أو يعرف كيف يجيب !! أصبحنا نعيش " زمن جحا " الذي كنا نضحك في طفولتنا علي نوادره , حكاياته , طرائفه ... بل أننا أفتقدنا حكمة حكاياته و فطنته... وأصبحنا مثله نستخدم " فهلوته " و " ذكائه " مع الملك .
يحكي أن "ملك " أراد أن يسخر من " جحا " فقال له :" هل تستطيع أن تعلم حماري القراءة و الكتابة ؟ ". فأجاب " جحا " :" أعلمه علي أن تمهلني عشرين عاما ". فوافق " الملك " علي التحدي و قرر صرف راتب له في هذه المدة . فلما خرج" جحا " أقترب منه أحد الاصدقاء , و قال له :" يا أحمق , كيف توافق علي هذه المهمة ؟.
فقال له " جحا " : " في هذه السنوات العشرين :" أما أن أموت أنا , أو يموت الملك , أو يموت الحمار ... فمن منا الاحمق أيها الذكي ؟ ".
هكذا هو حال وزراءنا ..فهم يعيشون زمن جحا !!!
الوزير المسؤل أصبح " فهلوي "لا يستطيع أن يجيب بكلمة " انا فاشل " فهو لا بد أن يعرف كل شيء , يفهم في كل شيء , لا يعتمد علي الرؤية ، الكفاءة , العمل , العلم , الخبرة ... فأصبح لدينا وزراء فشلة ، نواب فشلة ، اعلاميين فشلة , مسئولين فشلة "..
اذا اردنا ان نبني جمهورية جديدة علينا التخلص من كل فاشل ...
اللهم احفظ الله مصر من كل فاشل و من كل حجا !!
موعدنا الثلاثاء المقبل ان شاء الله.
الاعلامية الدكتورة حياة عبدون .